قد يكون محمد علي رشوان عضوًا بارزًا في قائمة مميزة تضم مجموعة الرياضيين المصريين الذين حصلوا على ميداليات أوليمبية، وبطلاً كبيرًا في رياضة الجودو، ولكن شهرة ابن الإسكندرية تخطت ذلك بكثير، وأصبح يمثل أيقونة الروح الرياضية واللعب النظيف على مستوى الألعاب الأوليمبية.
النشأة
وُلِد محمد علي رشوان في الإسكندرية في 16 يناير 1956 وفي طفولته بدأ بممارسة كرة السلة، إلى أن قادته الصدفة لرياضة الجودو التي بدأ يمارسها بعمر الرابعة عشر تحت إشراف مدربه عبد المنعم الوحش، وقد أثبت رشوان تفوقاً سريعاً في الجودو، وساعده في ذلك تكوينه الجسدي الملائم جداً لتلك الرياضة، حتى أنه حصل على بطولة الإسكندرية تحت 18 عام بعد ستة أشهر فقط من بدء التدريب.
مشواره مع لعبة الجودو
في عام 1975 سافر محمد رشوان إلى تشيكوسلوفاكيا ليشترك في أول بطولة دولية في مشواره الرياضي، وفي نفس العام شارك في بطولة أخرى للجودو أُقيمت في إسبانيا.
لم يشترك رشوان في دورة الألعاب الأوليمبية في موسكو 1980 التي قاطعتها مصر بسبب العدوان السوفييتي على أفغانستان، ولكن اسمه بدأ يبرز بقوة من خلال تحقيق برونزية بطولة العالم العسكرية 1980، كما حافظ على نفس الميدالية في نفس البطولة 1982، وفاز أيضًا بالميدالية الذهبية لبطولة إفريقيا في وزن الثقيل والمفتوح، واحتفظ بهما في البطولة التالية عام 1983.
دخل محمد علي رشوان مافسات دورة الألعاب الأوليمبية لوس أنجلوس 1984 وهو في قمة مستواه، ومرشحاً فوق العادة لحصد ميدالية أوليمبية في منافسات الوزن المفتوح للعبة الجودو على الرغم من وجود منافسين أشداء من مختلف الجنسيات، وبالفعل شق طريقه بنجاح نحو المباراة النهائية ليضرب موعداً مع بطل العالم اللاعب الياباني ياماشيتا ياسوهيرو على الميدالية الذهبية.
رشوان يُفضل اللعب النظيف على الذهب
دخل الياباني ياماشيتا المباراة وهو يعاني من إصابة واضحة في ركبته اليمنى، حتى إنه كان يتحرك بصعوبة وهو في طريقه لخوض النزال الحاسم، ولكنه لم يشأ أن ينسحب من تلك المباراة ويضيع فرصة التتويج بالذهب، وفضَّل أن يخاطر بإصابته، متمسكاً بفرصته في تحقيق الفوز.
وعلى الجانب الآخر كانت كل المؤشرات تصب في مصلحة محمد رشوان، وبدا أن الإصابة الواضحة التي يعاني منها منافسه ستمهد الطريق نحو الذهب.
خاض رشوان المباراة بطريقة غريبة مثلت مفاجأة للجميع بمن فيهم مدربه، حيث صمم على مهاجمة منافسه بطريقة إنتقائية، بحيث يتجنب قدمه المصابة، ويحاول أن يهاجم القدم السليمة فقط!
قد يعجبك: تمساح النيل وسبَّاح القرن عبد اللطيف أبو هيف
أصيب مدرب رشوان بحالة ذهول وظل يصرخ في اللاعب مطالباً إياه بالهجوم بقوة على منافسه لإنهاء المباراة، إلا أن اللاعب رفض وظل متمسكاً بعدم التعرض للقدم المصابة للاعب الياباني، حتى اختل توازنه وسقط أرضاً ليستغل ياماشيتا الموقف وينفذ حركة الإيبون وينهي المباراة لصالحه.
قد يعجبك: تمساح النيل وسبَّاح القرن عبد اللطيف أبو هيف
أصيب مدرب رشوان بحالة ذهول وظل يصرخ في اللاعب مطالباً إياه بالهجوم بقوة على منافسه لإنهاء المباراة، إلا أن اللاعب رفض وظل متمسكاً بعدم التعرض للقدم المصابة للاعب الياباني، حتى اختل توازنه وسقط أرضاً ليستغل ياماشيتا الموقف وينفذ حركة الإيبون وينهي المباراة لصالحه.
خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباراة كان رشوان هو من تلقى أغلب أسئلة الصحافيين، وليس البطل الياباني صاحب الذهب، وكان السؤال الأبرز عن السبب في عدم قيام اللاعب المصري باستغلال إصابة خصمه التي لاحظها الجميع وإنهاء اللقاء مبكراً؟
فكان رد رشوان: "أخلاقي وديني يمنعاني من استغلال إصابة المنافس كي أحقق الفوز".
فكان رد رشوان: "أخلاقي وديني يمنعاني من استغلال إصابة المنافس كي أحقق الفوز".
وفي وقت لاحق من يوم المباراة أصدرت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة بياناً أشادت فيه بما قام به محمد رشوان ومنحته ميدالية الروح الرياضية، كما منحته اللجنة الأوليمبية الدولية للعدل جائزة أفضل خُلُق رياضي في العالم.
رشوان في عيون اليابان
استقبل الشعب الياباني الموقف النبيل من محمد رشوان بتقديرٍ بالغ، وذاع صيته في اليابان على نحوٍ كبير، وحصل على تكريمٍ كبير لأخلاقه وروحه الرياضية العالية، كما تزوج رشوان من فتاة يابانية وأنجب منها ثلاث بنات.
وحصل محمد علي رشوان على التكريم الشعبي والرسمي من اليابان أكثر من مرة كان أخرها في أكتوبر 2019 حين منحه إمبراطور اليابان وسام "الشمس المشرقة" وقلده إياه نوكي ماساكي سفير اليابان في القاهرة.
لا شك أن محمد علي رشوان قد خسر أهم نزالاً في حياته، واكتفى بالميدالية الفضية على الرغم من أن الذهب كان في المتناول، ولكنه كسب إحترام العالم، وحفر اسمه كأسطورة أوليمبية، ومثالاً يُحتذى في اللعب النظيف
قد يعجبك: البطل الأوليمبي السكندري ابراهيم مصطفى