في مثل هذا اليوم 13 مارس من العام 1801م وقعت معركة المندرة بين بريطانيا وفرنسا في منطقة المندرة شرق الإسكندرية بعد أيام قليلة من معركة أبي قير الثانية، التي أُجبر بعدها الفرنسيون على التقهقر إلى داخل المدينة وترك مواقعهم الحصينة على الساحل.
خلفية تاريخية
وصلت حملة عسكرية بريطانية قوامها 18000 جندي بقيادة رالف أبركرمبي إلى سواحل الإسكندرية في مارس 1801م بغرض إنهاء الوجود الفرنسي في مصر وإجلاء ما تبقى من قوات ما يُسمى بالحملة الفرنسية على مصر والشام.
نجحت الحملة في تنفيذ عملية إنزال برمائي عالية الكلفة في أبي قير راح ضحيتها المئات من الجنود الإنجليز، إلا أنها في النهاية نجحت في إنزال جميع القوات إلى البر والهجوم على الحامية الفرنسية والاستيلاء على مواقعها الحصينة فيما يُعرف بـ معركة أبي قير الثانية.
أحداث المعركة
بعد هزيمته في معركة أبي قير الثانية، اضطر الجنرال فريان للانسحاب بما تبقى من القوات الفرنسية إلى داخل المدينة، بينما نجح الإنجليز في السيطرة بشكل كامل على منطقة أبي قير وأنشأوا مستودعاً للذخيرة، ومستشفى ميداني على الشاطئ، وبدأوا في التجهيز للمسير إلى داخل الإسكندرية ومواصلة تعقب ما تبقى من القوات الفرنسية.
بدأ الإنجليز تقدمهم الحذر إلى داخل الإسكندرية في 12 مارس 1801م، حيث ساروا في برزخ ضيق بين البحر المتوسط وبين بحيرة كانت موجودة في ذلك الوقت بالقرب من البحر، وكانت تُعرف بـ "بحيرة أبي قير"، وعندما وصلوا إلى نقطة تُعرف بـ برج المندرة أقاموا معسكرهم هناك.
أظهرت عمليات الاستطلاع أن قوات فرنسية قوامها 5000 جندي بقيادة الجنرال فرنسوا لانوس كانت تتمركز على مجموعة من المرتفعات تقطع الطرف الغربي من البرزخ الذي تسير خلاله القوات الإنجليزية، وباقي القوات الفرنسية كانت متحصنة داخل أطلال نيكوبوليس القديمة.
في صباح 13 مارس شرع الإنجليز في الهجوم على القوات الفرنسية، وكانت القوة البريطانية المهاجمة تتألف من مجموعتين، وكان عليها استقبال نيران المدفعية والبنادق الفرنسية، التي أمطرت الفرقة 92 مشاة البريطانية بوابل من الرصاص، وكانت تلك الفرقة تمثل ميسرة القوة البريطانية، بينما حاولت قوة فرنسية من الفرسان مهاجمة الطرف الأيمن من الجيش البريطاني، ولكنها فشلت في ذلك، ولم يصل إلى الخطوط الأمامية للإنجليز سوى عدد محدود من الفرسان الفرنسيين، وتم إجبارهم على التراجع بفعل القصف القوي للمدفعية البريطانية.
واصل الإنجليز تقدمهم وأجبروا القوات الفرنسية بقيادة الجنرال ديلون على مزيدٍ من التقهقر وخسارة المواقع الاستراتيجية، وكان الجنرال أبركرمبي يرغب في مزيد من التقدم، إلا أن قواته قوبلت بقصف مدفعي عنيف أجبره على التراجع والاحتفاظ بالمواقع التي استولى عليها في بداية اليوم بمنطقة المندرة.
نتائج معركة المندرة
كانت الخسائر كبيرة للغاية في صفوف القوات الفرنسية، أما القوات الإنجليزية فقد تكبدت نحو 200 قتيل و 1000 مصاب.
بدأ الإنجليز في تعزيز وتحصين موقعهم الجديد في المندرة، وقاموا بإنزال البنادق الثقيلة من سفنهم، وجلبوا المزيد من التعزيزات بهدف القيام بحصار شامل للحامية الفرنسية بالإسكندرية.
تم منح الفرقتين 90 و 92 مشاة في القوات البريطانية "وسام شرف معركة المندرة" بسبب تحملهما العبء الأكبر من القتال في تلك المعركة.
كما سميت ثكنات المندرة (بُنيت في 1895م وهُدِمت في 1970) في هامبشاير البريطانية بهذا الاسم The Mandora Barracks نسبة إلى معركة المندرة.
حاول الفرنسيون القيام بهجوم مضاد بعد المعركة بأيام، ولكنهم تكبدوا هزيمة جديدة في 21 مارس 1801م فيما عُرف بمعركة الإسكندرية أو معركة كانوب.