في مثل هذا اليوم 23 فبراير من عام 1923 أبرمت الولايات المتحدة الأمريكية إتفاقية مع كوبا عُرِفت بـ "معاهدة بلات Platt Amendment" تستأجر بموجبها "خليج غوانتانامو" الذي يقع في الطرف الجنوبي الشرقي من جزيرة كوبا.
ولا تزال الولايات المتحدة تسيطر على الجزء الجنوبي من الخليج حتى يومنا هذا، بينما تعتبر الحكومة الكوبية التواجد الأمريكي في غونتانامو غير قانوني، وتصر على أن الإتفاقية التي أُبرِمت بين البلدين في 1903 قد تمت عن طريق التهديد باستخدام القوة، وتنتهك القانون الدولي، فالإيجار بحسب الإتفاقية غير محدد المدة ويبدو أبدياً.
غوانتانامو هو أكبر ميناء في الجزء الجنوبي من الجزيرة الكوبية، وتحيط به تلال شديدة الإنحدار، تصنع جيباً عازلاً لمنطقة الميناء عن باقي أراضي الجزيرة، مما يزيد من أهميته الاستراتيجية.
تُعد منطقة غوانتانامو من أكثر المناطق جفافاً في كوبا، وتتميز بمناخ حار وشبه جاف، حيث ترتفع درجات الحرارة على مدار العام، ويقل سقوط الأمطار.
خلفية تاريخية
يُعرف السكان الأصليون لمنطقة خليج غوانتانامو بـ التاينوس Taínos ، وهم من قاموا بإطلاق هذا الاسم على تلك المنطقة.
عُرف الخليج لفترة قصيرة بخليج كمبرلاند Cumberland عندما استوت عليه بريطانيا في 1741 ، خلال حملة بحرية قادها الأدميرال إدوارد فيرنون Edward Vernon كانت تهدف إلى الوصول لسانتياغو دي كوبا، إلا أنها في النهاية مُنيت بهزيمة على أيدي القوات المحلية.
مع ضعف وتداعي الإمبراطورية الإسبانية، وخلال الحرب الأمريكية-الإسبانية، تحصَّن الأسطول الأمريكي بميناء غوانتنامو في 1898 ليحتمي فيه من موسم الأعاصير التي تضرب تلك المنطقة.
انتهت الحرب بتوقيع معاهدة باريس 1898 التي تخلت إسبانيا بموجبها عن جزيرة كوبا، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية حافظت لنفسها على تواجد عسكري قوي في تلك الجزيرة الاستراتيجية.
في 1901 أقرت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بنود ما أُطلق عليها "إتفاقية بلات" كجزء من مشروع قانون مخصصات الجيش.
قد يعجبك: بحث علمي يساعد على اكتشاف جزيرتين جديدتين على سواحل الإسكندرية
قد يعجبك: بحث علمي يساعد على اكتشاف جزيرتين جديدتين على سواحل الإسكندرية
إتفاقية بلات 1903
بعد رفض أولي لبنود الإتفاقية من جانب كوبا، تم دمج بنود إتفاق بلات في دستور جمهورية كوبا في 1901، ودخل الدستور حيز التنفيذ في 1902، وتم منح أرض غوانتانامو للولايات المتحدة في العام التالي، لتقيم عليها قاعدة بحرية.
تم تنفيذ عقد الإيجار في 1903 على جزأين، الجزء الأول تم التوقيع عليه في فبراير وينص على الآتي:
عقد إيجار بين الولايات المتحدة وكوبا خاص بالمحطات البحرية، وفقاً للمادة السابعة من إتفاق بلات.
- البند الأول- يصف مساحة وحدود المناطق المستأجرة: غوانتانامو وباهيا هوندا.
- البند الثاني- للولايات المتحدة الحق في احتلال، واستخدام، وتعديل المكان المستأجر بما يتناسب مع احتياجات قواتها البحرية، مع ضمان حرية مرور السفن التجارية الكوبية.
- البند الثالث- تحتفظ كوبا بالسيادة التامة على المنطقة، ولكن خلال التواجد الأمريكي تحتفظ الولايات المتحدة بممارسة كامل سلطاتها القضائية على المناطق المشار إليها في البند الأول.
يتكون الجزء الثاني من العقد، والذي تم التوقيع عليه بعد خمسة أشهر، وتحديداً في يوليو 1903 من البنود الآتية:
- القيمة الإيجارية هي 2000 عملة ذهبية تدفعها الولايات المتحدة لكوبا سنوياً.
- تتحمل الولايات المتحدة تكاليف عمل مسح للأراضي المستأجرة، وإحاطتها بسور.
- لن تكون هناك مؤسسات تجارية في المناطق المستأجرة.
- تبادل تسليم المجرمين.
- الأراضي المستأجرة ليست منافذ لدخول كوبا.
- تخضع السفن لشرطة الموانئ الكوبية، ولن تعيق الولايات المتحدة دخول ومغادرة الخليج.
- هذا العرض قائم لمدة سبعة أشهر.
في عام 1934 قامت الولايات المتحدة الأمريكية -من جانب واحد- بتغيير العملة التي تدفع بها القيمة الإيجارية من العملة الذهبية إلى الدولار الأمريكي بموجب قانون احتياطي الذهب، لتكون قيمة الإيجار 386 دولار أمريكي بحسب أسعار الذهب في ذلك الوقت.
في عام 1973 عدَّلَت الولايات المتحدة قيمة إيجار غوانتانامو إلى 3677 دولار أمريكي، ثم في عام 1974 إلى 4085 دولار بسبب زيادات أخرى في سعر الذهب مقابل الدولار الأمريكي، وكانت المدفوعات تُرسل سنوياً، إلا أنه منذ الثورة الكوبية في 1959 لم تُقبل إلا دفعة إيجار واحدة، وزعم الزعيم الكوبي فيدال كاسترو أن ذلك حدث بطريق الخطأ، بسبب الارتباك السائد في كوبا خلال فترة الثورة.
وعلل كاسترو رفضه استلام الإيجار منذ ذلك الحين باعتراضه على ذلك العقد معتبره غير قانوني، كما وصف التواجد الأمريكي في خليج غوانتانامو بـ "الإحتلال".
القاعد البحرية الأمريكية في غوانتانامو
تعد القاعد الأمريكية في غوانتانامو هي أقدم قاعدة أمريكية خارج حدود الولايات المتحدة، وتقع على مساحة 120 كم2.
وبجانب استخدام المنطقة كقاعدة بحرية؛ كانت تستخدم قديماً كمحطة لاستخدام الفحم.
توجد بالقاعدة مجموعة من القطع البحرية التابعة للأسطول الأمريكي، وفرق من مشاة البحرية الأمريكية (مارينز)، وبها العديد من المباني ومقرات القيادة، ومنذ عام 2002 ومع بداية ما أطلق عليه الرئيس الأمريكي الأسبق (جورج دبليو بوش) "الحرب على الإرهاب"، احتوت القاعدة على سجن حربي يُعرف بـ "سجن غوانتانامو" أو "معتقل غوانتانامو".
سجن غونتانامو سئ السمعة
يعتبر سجن غونتانامو الموجود داخل القاعدة البحرية الأمريكية من أكثر سجون العالم انتهاكاً لحقوق الإنسان التي أقرتها المعاهدات والمنظمات الدولية.
ومنذ عام 2002 تم رصد العديد من الانتهاكات داخل سجن غوانتانامو، حيث تكون الإقامة فيه لأجلٍ غير مسمى، ودون محاكمة، بالإضافة للعديد من عمليات التعذيب الممنهجة التي تمت على مدار سنوات.
في وقت إنشاء السجن في يناير 2002 قال وزير الدفاع الأمريكي "دونالد رامسفيلد" إن معتقل غوانتانامو قد أُنشئ لاحتجاز أشخاص "خطرين للغاية" بحسب وصفه في إشارة لمقاتلي تنظيم القاعدة وحركة طالبان الذين كان يتم القبض عليهم في أفغانستان خلال الغزو الأمريكي، أو ما عُرف بـ "الحرب على الأرهاب".
بعض الحقائق الصادمة عن معتقل غوانتانامو
أفادت وثيقة من موقع التسريبات الشهير "ويكيليكس" بوجود 22 سجين قصَّر تحت سن 18 سنة.
قررت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق أن سجناء غونتانامو ليس لهم أي حقوق، وأن إتفاقية جنيف التي تُنظم التعامل مع أسرى الحرب لا تنطبق عليهم.
عدد السجناء الذين ماتوا في غوانتانامو أكثر من الذين تمت إدانتهم بتهم.
تم إطلاق سراح أكثر من 90% من معتقلي غونتانامو دون توجيه أي اتهام، إلا أن ذلك قد تم بالطبع بعد سنوات من المعاناة وسوء المعاملة، ولا يتبقى حالياً سوى 40 معتقل.
غوانتانامو هو السجن الأعلى كلفة في العالم، حيث تتكبد الولايات المتحدة الأمريكية 445 مليون دولار سنوياً للإبقاء على أربعين معتقل يتبقون بداخله.